أعمدة الرأي

البرهان و شروط إتمام العملية السياسية زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن حديث رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان في حفل الإفطار الذي أقامه عضو مجلس السيادة الفريق ياسر العطا يحمل شرطا و نتيجة للشرط ، و كما أشار البرهان أن حفل الإفطار ليس دعوة اجتماعية بل إفطار مقصود الهدف منه أن يرسل البرهان شرطه و النتيجة التي تتمخض عن هذا الشرط. و الغريب في الأمر أن شرط البرهان ليس بالجديد. فالرجل درج على تكرار الشرط منذ أول حديث بعد توقيع الاتفاق الإطاري. لكن قوى الحرية و التغيير تغافلت الشرط باستمرار، و اعتقدت أن قوة ضغط الآلية الدولية على البرهان تجعله يتنازل عن الشرط.
قال البرهان في حديثه “إن على الجميع مغادرة الساحة حال تعذر الوصول لوفاق وتفاهمات تنهي الأزمة السياسية.” و هي الجملة التي وجدت رواجا من قبل الصحف و وسائل الإعلام رغم أن الجملة هي نتيجة للشرط الذي ردده البرهان عشرات المرات في حديثه “إذا فشلنا في عمل أكبر كتلة من التوافق الوطني، تقود البلد والتغيير، يجب أن نمضي إلى الخيار الثاني – بأن نذهب كلنا ونغادر المشهد” إذا البرهان يعتقد أن أتمام العملية السياسية يجب أن يفتح باب المشاركة لكي تكون ( عمل أكبر كتلة من التوافق الوطني) ماذا يريد البرهان من التوافق الوطني؟ أختلف البرهان مع الحرية المركزي، و ليس خلافا سياسيا يمكن ترميم أثاره، بل أبعدهم من السلطة بانقلاب عسكري، و أعتقل معظمهم، و قال أنه قصد من الانقلاب تغيير المعادلة السياسية، و عندما أتفق مع رئيس الحكومة الدكتور عبد الله حمدوك للعودته كان الشرط؛ أن تكون الحكومة القادمة ” تكنوقراط” عناصر مؤهلة غير منتمية للقوى السياسية، و لكن لم يكتمل الاتفاق مع حمدوك. ثم جاءت فكرة (الاتفاق الإطاري) من قبل المجتمع الدولي من خلال اللقاء الذي تم بين الحرية المركزي و المكون العسكري. بعد توقيع (الاتفاق الاطاري) في الخامس من ديسمبر 2022م في أول حديث للبرهان وضع شرط توسيع قاعدة المشاركة. و توسيع قاعدة المشاركة حتى لا يكون للحرية المركزي التأثير على أي قرار صادر من المؤسسة التنفيذية. و عرفا سياسيا لا يمكن أن يسلم قائد الانقلاب السلطة للقوى التي انقلب عليها، فلابد من تغيير المعادلة السياسية التي تطمئن المكون العسكري.
و يتهم البرهان قوى الحرية المركزي أن سعيها لإنهاء العملية السياسية بهدف تسليمها السلطة دون الآخرين. أي إنها ساعية وراء المحاصصات، و ليس تنفيذ الشعار الذي تردده قيادتها ( عملية التحول الديمقراطي) حيث يقول “رأينا التجاذب بين المجموعات السياسية وأنا بصراحة أرجو منهم جميعا التنحي جانباً، نحن والكتلة الديمقراطية والمجلس المركزي نبعد جميعا ونفسح المجال لآخرين.. نحن أضعنا 4 سنوات نتحدث ذات الحديث ولا احد يريد تقبل الآخر والكل يعمل على “تكبير كومه” لأجل المحاصصة” فالمحاصصة هي المشكلة التي عقدت المشهد السياسي. أن الصراع الدائر بين الجميع المكون العسكري و القوى الأخرى بهدف الحصول على (السلطة) و السلطة كفكرة تؤسس على الصراع المستمر بين القوى المختلفة.
و يكرر البرهان المقولة التي تحمل شرطه في عدد من فقرات حديثه حيث يقول في فقرى أخرى “تبقت أشياء بسيطة ونصل للاتفاق النهائي، لا نُريد أن نصل إليه بأرجل عرجاء، نود أن يكون كل الناس معنا ونصل لاتفاق بكتلة انتقالية كبيرة ليس فيها شروخ حتى تمضي بالفترة الانتقالية إلى نهاياتها ” أن كتلة الحرية المركزي متمسكة بأن تضيق ماعون المشاركة بهدف المحاصصة و دلالة على ذلك الرجوع لحديث كل من خالد عمر يوسف الذي يرفض أن تكون الحكومة مكونة من عناصر مؤهلة ذات خبرات دون أنتماء سياسي يقول خالد ( عناصر وطنية يمكن أن تكون حزبية) و عندما سألت مريم الصادقي من قبل لقاء في قناة (البلد) و هي تتحدث عن تقديم تنازلات و حكومة ذات كفاءات. قال لها مقدم البرنامج هل يمكن أن نراك مرة أخرى في وزارة الخارجية قالت ( هذه مسألة أخرى) إذا رفض الحرية المركزي توسيع قاعدة المشاركة بسبب رغبة قيادتها للرجوع للسلطة، و هي المشكلة التي عطلت أتمام الاتفاق. و عقدت المسألة أكثر عندما اعتقدت أن استقطاب قوات الدعم السريع لجانبها سوف يشكل لها حماية و بالتالي تستطيع أن تدعم رؤية قوات الدعم السريع أن تستغرق عملية الدمج 10 سنوات، حتى تكون تبريرا لها لمد الفترة الانتقالية عشرة سنوات حتى اتمام عملية الدمج.
أن أي عملية للتحول الديمقراطي تؤسس على توازن القوى في المجتمع، و قوى الحرية و التغيير المركزي لا تملك القوى التي تخلق توازن مع العسكر هي فقدت الشارع تماما، و هي تصارع بأنياب السند الدولي الذي ليس له غير أن يمارس ضغوط. كما أن الدعم السريع لن يدخل مع القوات المسلحة في حربن يمثل فيها دور المحرش و كما يقول المثل ( المحرش ما بيقاتل) و الديمقراطية تحتاج أن يكون الجانب القوي في المعادلة السياسية قاعدة شعبية عريضة تضمن حماية عملية التحول الديمقراطي. و أفضل للحرية المركزي أن تغض الطرف عن السلطة و تمسك جانب عملية التحول الديمقراطي، و تفتح حوارا واسعا مع كل القوى الراغبة في عملية التحول الديمقراطي، و ينسب لها تاريخيا أنها وراء تأسيس العملية الديمقراطية في البلاد. نسأل الله التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى