فريق شرطة(حقوقي) د. الطيب عبدالجليل حسين المحامي يكتب إسقاط الدين الخارجي عن السودان لما بعد الحرب

الممارسة الدولية لاسقاط الدين الخارجي عن الدول، هي اتفاقية لندن 1954م الخاصة بإتفاقية إسقاط الديون الخارجية لألمانيا، والمعروفة أيضًا باسم اتفاقية لندن للديون، والاتفاقية بمثابة معاهدة لتخفيف عبء الديون بين جمهورية ألمانيا الاتحادية والدول الدائنة لها، وقد تم توقيع الاتفاقية في لندن بتاريخ 27 فبراير 1953م، ودخلت حيز التنفيذ في 16 سبتمبر 1954م. والمؤتمر معروف أيضًا باسم مؤتمر لندن للديون، وتم عقده بين 28 فبراير 1952م – 28 أغسطس 1952م، وتم توقيع الاتفاقية والتي تم التوصل إليها في لندن في 27 فبراير 1953م، والدول التي صدقت على الاتفاقية هي الولايات المتحدة الامريكية، وجمهورية دولة فرنسا، والمملكة المتحدة(بريطانيا)، وبتاريخ 16 سبتمبر 1953م دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ.
غطت الاتفاقية عددًا من أنواع الديون الألمانية المختلفة قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها. إذ أن بعضها نشأ مباشرة عن الجهود المبذولة لتمويل نظام سداد التعويضات على ألمانيا لجبر أضرار الحرب العالمية الأولى والثانية، في حين أن البعض الآخر من الدين الخارجي يعكس عمليات الاقتراض على نطاق واسع، حيث كانت معظمها من قبل المستثمرين الأمريكيين للشركات والحكومات الألمانية المتعاقبة بنهاية الحرب العالمية الثانية.
والأطراف التي شاركت في الاتفاقية وكطرف متعاقد شمل ألمانيا الغربية، أستراليا، بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، بريطانيا العظمى، اليونان، إيران، إيرلندا، إيطاليا، ليختنشتاين، لوكسمبورغ، النرويج، باكستان، إسبانيا، السويد، سويسرا، جنوب افريقيا، الولايات المتحدة الامريكية، يوغوسلافيا السابقه. وبينما الاتحاد الروسى سابقا، لم يشارك بالانضمام في الاتفاقية.
وكان قد جرى التفاوض على مبلغ 16 مليار مارك ألماني من الديون الخارجية الناتجة عن معاهدة فرساي بعد الحرب العالمية الأولى، والتي لم يتم سدادها في حقبة فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، وقد كانت تلك الأموال مستحقة للبنوك الحكومية والخاصة في الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا. وكان أيضاً هناك 16 مليار مارك ألماني وهي تمثل قروضًا بعد الحرب العالمية الثانية من جانب الولايات المتحدة الأمريكية بموجب اتفاقية لندن، فقد تمّ تخفيض المبلغ القابل للسداد بنسبة 50٪ إلى حوالي 15 مليار مارك ألماني، وتمديد السداد على مدى 30 عامًا.
وأحد الشروط المهمة للاتفاقية، هو أن السداد كان مستحقًا فقط عندما يكون لألمانيا الغربية فائض تجاري، وأن السداد كان محدودًا بنسبة 03٪ من عائدات التصدير للخارج، وقد أعطى ذلك للدائنين الألمان(الدول الدائنه)، حافزًا قويًا لاستيراد البضائع الألمانية، مما ساعد على إعادة الإعمار وبناء الدولة الألمانية الحاليه.
وتعلق جزء من الاتفاق بالديون الخارجية الواجب سدادها بعد إعادة توحيد ألمانيا. وقد تم سداد المطالبات عن طريق تمويل سندات الدين باستحقاق خلال 20 عامًا.
وبتاريخ 03 أكتوبر 2010م تم سداد الدفعة النهائية للدين الخارجي على ألمانيا وقدره 69.9 مليون يورو على تلك السندات، وهو آخر دفعة للدين دفعتها ألمانيا كديون معروفة ناتجة عن الحربين العالميتين الاولى والثانية.
والاتفاقية تم إبرامها لخروج ألمانيا الغربية من الحرب العالمية الثانية منهارة اقتصادياً بسبب التعويضات عليها جبرا لاضرار الحرب العالمية الاولى والثانية، إلا أن ألمانيا الغربية أعلنت عجزها عن سداد الدين عليها من الدول الدائنه لها. ولذلك، الدول الدائنه عقدت إتفاقية خاصة مع ألمانيا الغربية، وبموجب الاتفاقية تم إسقاط الدين من الدول الدائنه لالمانيا الغربية، وفيما بعد ألمانيا الغربية (الدوله المدين) ورثتها ألمانيا الاتحادية. وإتفاقية إسقاط الدين عن ألمانيا الغربية، إشتملت على ضمانات وامتيازات إقتصادية للدول الدائنه، مما كان لإسقاط الدين أثر كبير في تنمية الاقتصاد الألماني كأحد أقوى إقتصاديات العالم .
والسودان إذا لديه عقول ذكيه في دوائر صناعة وإتخاذ القرار في الداخل والخارج، وملمه بمفاصل فنون وفنيات إدارة السياسه الخارجية والعلاقات الدولية والاقتصاد الدولي، يمكن إعلان عجز السودان عن سداد الديون الخارجيه عليه، للظروف السياسية التي يعيشها السودان، بسبب الحروب المستمره في السودان منذ تاريخ 1955م، والحروب الدائرة في دول الجوار في غرب وجنوب وشرق السودان، ولايواء السودان الاضطراري لموجات نزوح وهجرات ولاجئيين وأجانب من دول القرن الأفريقي ومن دول غرب أفريقيا، وإيواء نحو 5 مليون لاجئ ومقيم من دولة جنوب السودان، وإستضافة السودان بتقديرات أوليه نحو 12 مليون أجنبي بنسبة 25% من أهل السودان.
ولتمكين السودان من النمو الاقتصادي، يمكن السودان تقديم رؤيه لعقد إتفاقية خاصه مع الدول والمؤسسات المالية الدولية الدائنه للسودان، لاسقاط الدول الدائنه دينها الخارجي عن السودان، مقابل ضمانات اقتصادية بتسهيلات استثمار أجنبي في السودان للدول والمنظمات الدولية المالية الدائنه. وفكرة المقالة نودعها في بريد إستاذي البروفيسور عطا البطحاني ودكتور ابراهيم البدوي، وفي بريد عقولنا من أهل الحل والعقد والرأي والاختصاص في الداخل والخارج، للتفاكر لبلورة مسودة مشروع لمعالجة الوضع الاقتصادي لمرحلة ما بعد الحرب العبثية التي أوردت السودان وأهله مورد الهلاك والضياع.
17/ 08/ 2023م