اضرب واهرب ..عبدالمنعم شجرابي يكتب.. الحزن الجديد
*** هناك وعلى ( أجهزة أبجد هاوس ) وبمكاتبها بالخرطوم شرق كان يتم جمع وإخراج ومونتاج صحيفة الهلال وأنا مديرها العام ولقاء يومي يجمعنا والأعزاء عادل حجر .. وفتحي عبدالغني .. وأحمد ابوعاقلة .. وقباني وعباس حاج سعيد .. ودريج وآخرون سقطوا من الذاكرة الضعيفة يتوسطنا مصطفى سيد أحمد مميزاً بالصوت والطرح وحتى الجلوس على الكرسي بضم القدمين وفرد اليدين جاذباً إليه العقول والعيون
*** دعوات شبه دائمة تصلني من صديقي وجاري ببري أحمد أبوعاقلة لحضور جلسات استماع وحفلات خاصة وسهرات يحيها مصطفى كنت عليها سريع الاستجابة فالأستاذ كما كنا نسمي ملك للتطريب مالك للصوت .. بارع في إختيار الكلمات رائع في الأداء وحدد واختار أن يكون فنان ( الأغنية القضية ) عبر القصيدة القضية في زمن اشتد فيه الخناق على الحريات لتكون الحبيبة هي الوطن .. والسلسل الذهبي الأغلال .. والحديقة المعتقل والحوش السجن .. والمرافق الجلاد والتلجة الجمرة والصالون بيت الأشباح والمكياج الوجوه التنكرية نعم كانت هذه التقاطعات هي ( عدة الشغل ) في القصيدة
والتخفي بما يصنع الحريات
*** غنى مصطفى وأطرب وحفظ شباب الثانوي والجامعات أغنياته التي رددوها حتى وصلت إلى من به صمم وكلما أجاد أجاد .. وكلما سطع لمع .. ومتى ما انتشر أبدع واختصر لكم وأقول ما كان محاربو الحريات يحتملونه فغادر البلاد
*** بالعاصمة القطرية انبهل فنا لم تكن الفراشة المزروعة في يده لغسل كلاه تمنعه من ضرب العود ولم تحبسه أوجاعه من إنتاج الجديد ( وكيس ) من تراب وطنه احتفظ به في الركن اليماني من غرفته يشمه لانتاج الجديد
*** إطلاقاً ما انقطع منتج مصطفى من الوصول وظلت أغنياته قديمها وجديدها عبر الأشرطة المسموعة والمشاهدة يصل أول بأول ويتداول ويطبع ويوزع رغم أنف الرقيب
*** نعى الناعي في مثل هذا اليوم مصطفى سيد أحمد وبعده وعند استقبال الجثمان فاض مطار الخرطوم بكتل البشر لتسحب السلطان الجثمان بمخرج آخر إلى معهد الموسيقى ومن هناك إلى ودسلفات في موكب لم يشهد له شارع مدني مثيلاً
*** على مدار سنواتي وأنا رئيس لتحرير صحيفة المشاهد كانت الصحيفة حريصة على إصدار عدد خاص في ذكرى مصطفى سيد أحمد كلما جاءت بالجديد ظهر في عدد بعده الجديد سافرت فيه أطقم الصحيفة إلى موطنه وتابعت حياته بكل تفاصيلها من الأهل والجيران والأحباب ودعوني هنا أحي الزميل عبد اللطيف الهادي الذي ظل يقف بالإشراف على تلك الأعداد
*** الختام آلام مصطفى سيد أحمد أغنيات أسعد بها أصحاب الذوق الرفيع وماكنة غسيل كلاه كانت الموزع للفن المجيد وأدويته كانت وضاحة والبت الحديقة وفي ذكراه أبعد تحبيري من الحزن النبيل إلى الحزن الجديد
( الحزن الجديد )