مقالات الرأي

عوض التوم «جولط» يكتب الحاج سليمان دقق «الأسطورة»

 

رجل وهبنا عظمة ومجد وكبرياء التاريخ الرياضي لمدينة الأبيض، إنه عدة شخصيات في شخصية واحدة: رجل أعمال، زعيم طائفي، سياسي محنك، رياضي مطبوع، إجتماعي من طراز فريد، عضو فاعل بمجالس إدارات البنوك..
شخصية لديها كاريزما آسرة مهابة ساحرة تجمع بين التعامل الإنساني الراقي والحزم والصرامة، لا يخشى في الحق لومة لائم..
منذ أن شببنا عن الطوق وتفتحت أعيننا على الدنيا، وحاج سليمان رئيساً للاتحاد المحلي لكرة القدم بالأبيض، وكنا نعجب لذلك، رئيس دائم لكل دورات الإتحاد!!! وكنا نتساءل ما هو سر ذلك؟
وقد جرت محاولات عديدة لإزاحته من هذا الموقع، ولكن دهائه وفطنته وقدرته الفائقة على إحتواء وبرمجة الآخرين مكنته من الإحتفاظ به.
وقد تجلى لي هذا السر حين عملت معه كمساعد لرئيس الإتحاد في دورة من الدورات (العام 1998) أبان عملي مديراً لفرع بنك الثروة الحيوانية بالأبيض.
فقد تكشف لي بأن موقع رئاسة الإتحاد المحلي لكرة القدم، مركز يضيف لشاغله مكانة مرموقة وشهرة وشعبية واسعة وسط قطاع كبير يضم كل ألوان الطيف السياسي وكل الطبقات الإجتماعية وكل السلطات الديوانية.
لذا وجدت العذر لحاج سليمان إن قاتل بشراسة في سبيل الإحتفاظ به.
خلال عملي معه تعلمت منه الكثير من فنون ومهارات القيادة، وكان يقوم بأدوار خارقة تحتاج الى اللياقة البدنية العالية والحضور الذهني المتقد.
في شهر رمضان المعظم بقيادته كنا نطوف على كل الأندية الرياضية بالأبيض عقب صلاة التراويح«كنفوي». نذهب كل أمسية لنادي نتفقد أحوالهم ونتبادل الآراء والأفكار ونناقش معهم خططهم وبرامجهم المستقبلية، وقد أكرمني بأن جعلني أتحدث نيابة عن الوفد في كلمة الإفتتاح، ولعله يرمي بذلك بأن يكون نوعاً من التدريب والإعداد للكوادر المستقبلية.
تقديراً لمهارته القيادية وكاريزمته فقد تم تكليفه بترأس عدة بعثات خارجية للفريق القومي لكرة القدم.
يحرص حجاج مدينة الأبيض على مرافقته في الحج، حيث أفادوا بأنه خلال فترة الحج يذلل لهم كل العقبات التي تجابهم، وذلك لما يتمتع به من كياسة ولباقة وحسن التصرف.
حكى لي الشيخ إبراهيم السنوسي بأنه حينما كان طالباً، ذهب الى حاج سليمان وطلب منه أن يسدد له الرسوم الدراسية، فلم يتوانى وقام باللازم. تدور الأيام ليأتي الشيخ والياً لولاية شمال كردفان. فذهب الى حاج سليمان وذكره بالواقعة، وقال له أنا تحت أمرك أطلب ما تريد! وحينها أجهش حاج سليمان بالبكاء متأثراً، وقال له والله نسيت ذلك ولا أريد منك شيئاً، وربنا يكتبها لي في ميزان حسناتي.
رغم إنه سيد قومه جوداً وكرماً، وشهامة، ومروءة، إلا إنه متواضعاً، تجده في المناسبات الإجتماعية يحضر مبكراً ليتفقد التجهيزات ويشرف على الترتيبات.
هذه الحيوية والديناميكية جعلته يتمتع بالجاذبية الإجتماعية، مما أكسبه تقدير ومحبة جميع الأهل والعشيرة.
في هذه العجالة ركزت على ما عايشته معه من وقائع وأحداث، وهي بلا شك لا تغطي كل أعماله ومساهماته في المجالات الأخرى، السياسية والاجتماعية والطائفية والمالية……. الخ.
أرجو أن يقوم بتدوينها غيري من الحادبين على توثيق التاريخ.
الحاج سليمان دقق مسيرة عامرة بالإنجازات والمساهمات والنجاحات في شتى ضروب الحياة، مسيرة حافلة بالبذل والعطاء بالتجرد والزهد بالفناء في خدمة الآخرين، إنه كالنجوم المضيئة تتلألأ في كبد السماء، إنه كأعواد الصندل تنفح العطر للناس وتفنى إشتعالاً ولهيباً وإحتراقا، إنه من هؤلاء العظماء الذين صنعوا مجد التاريخ .

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!