أعمدة الرأي

فنجان الصباح ،، أحمد عبد الوهاب يكتب …   قراءة في مصطلح( عقلية الجنجويد) 

 

يستطيع الدكتور الهادي ابوضفاير السياسي والاكاديمي والأمين العام للصندوق القومي للإسكان ان يزعم صادقا بأنه كان أول من وصف اتفاق (سلام جوبا) بأنه الاب الشرعي للحرب القادمة في قلب الخرطوم هذه المرة.. كان يرى ان حميدتي يمهد الساحة لحرب مدمرة هي الأولى من نوعها في العاصمة ومرد ذلك معرفة ابوضفاير العميقة بعقلية الجنجويد وطريقة تفكيرهم.. فقد كان حميدتي يسعى لتحييد حركات الكفاح المسلح لتخلو له دارفور ولتكون هذه الحركات الثور الذي سبذبح عشية اكل الثور الأبيض.. طال الزمان أو قصر..

لا أحد مثل ابوضفاير عرف الذهنية المتامرة لحميدتي وسبر غور نفسية الجنجويد التي تجري الخيانة فيها مجري الدم في العروق.. وعن ذلك يقول ان دارفور وحدها هي التي دفعت الثمن و امتصت الصدمة الأولى لمجاذر الجنجويد الاوائل قبل ٢٠ سنة وهي التي عايشت مآسي النسخة الأصلية منهم واصطلت بنارها.. ذلك أن الجنجويد في نسختهم الحالية ٢٠٢٣م هم طبعة محسنة ومنقحة ذاق أفرادها حياة الدعة وطعم المدنية سنوات طوال.. هذه الطبعة مع كل شراستها ووحشيتها يظل الفارق بينها وبين الطبعة الأولى كالفارق بين ( آي فون) آخر اصدار وبين تلفون ( ربيكا)..

ولأن الطبع يغلب التطبيع فقد رجعوا إلى اصلهم من اول طلقة وعادوا القهقري اوباشا فاتكة ووحوشا كاسرة.

لقد كان حدس الرجل صادقا وهو يتنبأ بهذه الحرب المدمرة في وقت لم يجف فيه الحبر الذي مهروا به ذلك الاتفاق.

يعيد الرجل تفسير القول المأثور (لا يجني من الشوك العنب).. مقرونا بمقولة أخرى تؤكد بان( النظام لا يأتي من مختل وان الصحة لا ترجي من معتل)

وقد سبق الدكتور كثيرين الي القول بخطأ وخطورة لجوء الثوار الي ساحة الاعتصام في محيط القيادة العامة في أبريل ٢٠١٩م

كان يعارض هكذا خطوة عن قناعة مستقرة عنده بأن اي شراكة مع العسكر تشرعن بالضرورة للانقلاب العسكري.. وقد اثبتت الايام صواب ذلك الرأي.

ومثلما كان ابوضفاير معارضا لشعار (تسقط بس) فهو أيضا مخالف لشعار( لا للحرب) فالأول عنده ناقص لان السقوط بلا برنامج قفزة هائلة في الظلام كما أن (لا للحرب) مجرد شعار سياسي اجوف وفارغ وبلا محتوى وكان الاوفق المناداة بإيقاف الحرب عبر عملية سياسية جادة.. تحتاج إلى خطة و جهد وزمن وصبر..

و شتان بين شعار بلا محتوي

وعملية سياسية تضع خارطة طريق نحو مرافئ السلام..

وطريق الالف ميل يبدأ بخطوة سودانية.. تحتاج لمن يمشيها

ومن كتبت عليه خطي مشاها.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!