أعمدة الرأي

📘 قيد في الأحوال ..  لواء شرطة م عثمان صديق البدوي .. يكتب … قيد بنعي أليم جداً

 

قال تعالي (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)

صدق الله العلي العظيم

 

ببالغ الحزن والأسى ، فجعت الأوساط الشرطية فجر هذا اليوم ، في شتي أنحاء السودان ، بنبأ وفاة قائد يُعد من أشهر ضباط الشرطة ، ألا وهو المغفور له بإذن الله :

الفريق شرطة عوض وداعة الله حسين

 

وُلِد الفقيد في 23 يونيو 1954، بمدينة الشجرة الخرطوم “حي الري المصري” ، حيث كان الوالد عاملاً بسيطاً بالري المصري . نشأ الراحل في كنف والد زاهد عفيف صارم ، كان الصبي عوض يخفف علي الوالد حمل أعباء المعيشة ، وتوفير مصروفه المدرسي بنفسه ، في العطلات المدرسية ، وكان قد اشتهر بين أقرانه بجمع جوالات الأسمنت الفارغة ، ليصنع منها أكياس للخضار ، وبيعها بسوق الشجرة.

 

إنّ نشاة الراحل في حي “الغُفرا”، مجاوراً مسجده العتيق، مع تربية أب عفيف، صادق، صارم، خلقت منه شخصيةً متفردةً، متميزة ، ذات إرادة قوية، وشكيمة ، وعزيمة، وجد وحزم واجتهاد وصدق وهيبة ، شخصية لا تعرف المستحيل ، كان عوض قوياً كشوك الحديد ، عنيفاً كآكل النار ، شجاعاً لا يخشي في الحق لومة لائم… بل كان العملة النادرة التي علي صفحتها الأخري ، مطبوعٌ فيها الشهامة ، والقلب الأبيض الكبير الذي يتمني الخير للجميع .

 

إختار فقيدنا أقصر الطرق لينفع الوطن والأسرة المحتاجة ، وكان أن ولج بوابة كلية الشرطة ، وإضافةٌ للإنضباط والخُلُق الرفيع الذي أتي به من الشجرة ، فقد زادته كلية الشرطة إنضباطاً ونظاماً واحتراماً للوقت، واهتماماً بالزي العسكري، حتي اشتهر أثناء التدريب بنظافة مميزة للكاكي والطُّلبة و(البوت) الذي كان يفرز له مساحةً خاصةً في التلميع بالأورنيش ، حتي لمع اسمه بين أبناء دفعته (37) اللامعة هي الأخري ، واشتُهِر بلقب (عوض بوت)، وظل الإسم ملاصقاً له طوال حياته العامرة بالعطاء والنقاء والإخلاص والتفاني للشرطة والسودان .

 

تخرّج فقيدنا ، حتي وصل مصاف قيادة الشرطة ، وأشهر المواقع التي عمل فيها، كانت كلية الشرطة ، معلماً فيها ، ومن شده حبه لها قضي كل وقته فيها ولها . تخرّج علي يديه مئات الضباط ، وكان يمسك عصاة الحزم بيد ، وعصاة اللين بيدٍ أخرى ، وعادي جداً أن “يصرف لك” عوض بوت “ساعتين طابور ذنب”! ، وبعد قضائها، عادةً ما يقابلك عند باب مسجد الكلية ، و”يصرف لك إبتسامةً عريضة”، وكأنّ شيئاً لم يحدث!، ويزيد عوض من إحسانه ، ويعوِّضك ، عندما يحييك باسمك حتي “تنخلع”!، فالرجل قد وهبه الله صفةً في حفظ جميع أسماء الطلبة في وقتٍ وجيزٍ جداً! . من أي كوكبٍ نزل هذا القائد الفذ النادر ؟! ، الذي هو عند الشِّدةِ بأسٌ يتجلَّي! .. وفي العشرة دقيقة صفا وُدّاً يضُمُّ الشّملَ أهلا !.. لله درّك ود وداعة الله 😥.

 

استغفر الله…..

 

إنّ الحديث عن سيرة الفقيد يطول ويطول ، ومهما كتب النُّعاة والكُتّاب، أصدقاؤه، رؤساؤه، مرؤوسوه ، ومعاصروه ، فلن يستطيعوا أن يوفوه! ، ويُعبِّروا عن ما سطروه !.

 

اللهم اغفر لفقيدنا وعزيزنا عوض، وارحمه ، واعف عنه وعافه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماءٍ وثلجٍ وبرَدٍ، ونقه من الخطايا كنا يُنقّي الثوب الأبيض من الدنس، وابدله اللهم داراً خيراً من داره ، واهلاً خيراً من أهله ، وقه فتنة القبر وعذاب النار.

 

الله ربنا أنت رب هذه الروح ، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها ، وأنت ربنا أعلم بسرها وعلانيتها

 

جئنا وكتبنا شفعاء، فاغفر اللهم له.

اللهم أنزل عبدك عوض منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين ، اللهم أنزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

اللهم اجعل قبره روضةً من رياض الجنة ولا تجعله اللهم حفرةً من حفر النار، يا عزيز يا رحيم يا غفار .

 

لكم حسن العزاء الأسرة المكلومة، والأهل الكرام ، وأهل الشجرة، وأبناء الدفعة “37” الميامين… لا أدري كيف حالكم اليوم !

 

ولكم جميعا أهل الشرطة والسودان خالص العزاء.

 

إنا لله وإنا إليه راجعون

 

لواء شرطة م

عثمان صديق البدوي

27 أغسطس 2024

قيد رقم (227)

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!