أعمدة الرأي

عمر محمد عثمان.. يكتب .. المهددات الأمنية على ضوء تطورات الموقف العملياتي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع التطورات الأخيرة في الساحة العملياتية والانتصارات الميدانية الكبيرة التي حققها الجيش السوداني ضد مليشيا الدعم السريع، ظهرت عدة تهديدات أمنية تتطلب استعدادًا وتخطيطًا دقيقًا لمواجهتها.

 

في الفترة الأخيرة، نجح الجيش في تحييد عدد كبير من القادة المدنيين للمليشيا، كما شهدنا صمود مدينة الفاشر بفضل تضافر جهود الجيش والقوات المشتركة التي استطاعت حماية المدينة وإفشال محاولات المليشيا للسيطرة عليها. إلى جانب ذلك، انفتاح الجيش الكبير في ولاية الخرطوم وغيرها من المناطق يعتبر مؤشرًا قويًا على اقتراب انهيار المليشيا بشكل نهائي.

 

مع انهيار المليشيا، يُحتمل أن يلجأ بعض عناصرها إلى التخلي عن الزي العسكري والأسلحة، ويتسللوا بين صفوف المواطنين في المدن الكبرى كالخرطوم أو في القرى والأحياء السكنية. هذا السيناريو قد يشكل تهديدًا أمنيًا بالغًا، حيث يمكن أن يتجه هؤلاء الأفراد إلى التخطيط لأعمال تخريبية أو تكوين خلايا نائمة تهدد الاستقرار الداخلي.

 

الأجهزة الأمنية لن تكون وحدها كافية للتعامل مع هذا التهديد؛ لذا يجب تعزيز التعاون بين السلطات الأمنية والمواطنين. من المهم تشجيع المواطنين على الإبلاغ عن أي سلوكيات مريبة أو ظهور غرباء في الأحياء السكنية. هذا التعاون يجب أن يتم في إطار احترام حقوق الإنسان، مع تجنب أي ممارسات قد تؤدي إلى الاشتباه العشوائي أو الإساءة. وفي إطار ذلك، ينبغي تنظيم حملات توعية موجهة للمجتمع حول كيفية التعرف على الأفراد المشتبه بهم، وكيفية الإبلاغ عنهم بشكل آمن وفعال، وهو ما سيساهم في تقليل المخاطر الأمنية. استخدام وسائل الإعلام المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر رسائل توعية حول أهمية هذا النوع من التعاون سيكون حاسمًا في هذا السياق.

 

كذلك يمكن أن يلعب الضباط المتقاعدين دور كبير بفضل خبراتهم الطويلة في المجال الأمني. هؤلاء الضباط، المنتشرون في الأحياء السكنية، يمكنهم دعم السلطات الأمنية بتقديم المشورة وتحليل المخاطر والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة. إن وجودهم يُعدّ ثروة وطنية يُمكن الاعتماد عليها في مثل هذه الأوقات.

 

ختاماً في ظل الانتصارات المتلاحقة التي يحققها الجيش واقتراب انهيار مليشيا الدعم السريع، يبرز تهديد التسلل كأحد التحديات الأمنية الكبيرة التي يجب مواجهتها بحزم. التعاون الوثيق بين المواطنين والسلطات الأمنية، إلى جانب الاستفادة من خبرات الضباط المتقاعدين، يمثل الركيزة الأساسية لحماية الأمن والاستقرار في السودان.

 

٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤م

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!