أعمدة الرأي

العنكبوت دكتور مهند عثمان التوم يكتب درس ميرم دارفورية يافعة لتشاد

 

في ذاكرة الزمن هناك قصص تُزرع كالبذور لتنبت وتُزهر عطراً وحُباً بين الشعوب. واحدة من هذه القصص في عام 1980م وبتوجيه من الرئيس نميري لوزيري التربية والتعليم والخارجية بتشييد ست مدارس في تشاد كوسيلة لنشر المعرفة وترسيخ الروابط الإنسانية والدبلوماسية الشعبية عبر بوابة التعليم، وسفير السودان بتشاد أخذ توجيهات الرئيس علي محمل الجد واجتهد في عمله كأنما كانت هذه المهمة رسالته في الحياة فماذا فعل؟ قام السفير بوضع خطط شاملة، فاختار بنفسه فريق البناة وعمل علي شراء مواد البناء من مدن السودان المختلفة وتوفير بنائين ونجارين وحدادين لبدأ رحلة إعمار المدارس التي لا تزال قائمة حتى اليوم، شاهدة على أولي تلك المحاولات التي تجسد القيم الحقيقية للتعاون والشراكة بين الشعوب، ودور السودان في نشر ثقافة التعليم في تشاد.

بالقريب تراجعت تلك الروح العظيمة من التعاون حتى أصبحنا في زمنٍ اليوم بأمر غير متوقع، يُتفاجأ الجميع بقرار دولة تشاد الجارة الشقيقة برفضها لأبناء وبنات السودان للدولة التي ساعدتها في ترسيخ أعمدة التعليم لأداء امتحاناتهم علي أراضيها، لماذا هذا النكران للأصل والحنين لماذا يتم دَفْع هذه الأجيال ليتجرعوا مرارة قسوة الظروف، بالرغم من كل ما قدمه السودان من يد العون لتشاد في الحقبة التعليمية والكثير منهم سهلت له الحكومة الدراسة بارقي جامعاتها إفريقياالعالمية أو أكاديمية السودان للعلوم وصاحب العنكبوت شاهد علي ذلك فمن بين دفعتي في الماجستير طالب من دولة تشاد؟

تشاد تسهم في ضياع طلاب دارفور الممتحنيين للشهادة السودانية من لاجئين اختاروها بديل للسودان الي حين عودة الاستقرار ونازحين اعدوا العدة للوصول الي تشاد لأداء الامتحانات بعد ان أعلن بأن هناك مركزي بانجمينا وأدري، فقررت تشاد عدم قبولها لأداء امتحاناتهم فساهمت في حرمان أبناء دارفور من حقهم الأساسي في التعليم ومزيد من تفشي الجهل والفقر في المنطقة.

درس من فتاة يافعة محروسة بالأمل وكرامة أهل دارفور شملها القرار بالحرمان لجلوس أداء الامتحان بشرق تشاد، تجرأت وحملت أمنياتها وسافرت عبر إلي إثيوبيا مُتحدية الظروف التي وضعتها الحرب القاسية وقرار تشاد وحطت ترحالها بدامر المجذوب واستقبلها وزيران بارزان؛ لقد علمت تشاد كيف يكون الوفاء وكيف يُمكن للكرامة أن تتجسد في تنقلات إنسان جريء لقد علمتهم أن الشعب السوداني يمتلك من زينة الكرامة ورِداء العزة ما لا يُمكن أن يُمحى، وإن شعب السودان عموماً ودارفور خصوصاً رغم كل التحديات يظل متشبطًا بقيم العزة والكرامة، مُحافظًا على حسن الجوار، مُعلِّمًا للأمم كيف يكون الشرف، فهل ستفهم تشاد كدولة جارة درس الزمن؟ وبالأمس الطلاب يكتبون في ورقة الامتحانات ورمانة دارفور تجد الاهتمام أم ستظل أسيرة التحديات التي تزرع البعد والشقاق؟ الأيام دول ومن يدري؟

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!