عميد شرطة م : عمر محمد عثمان يكتب التعليم في زمن الحرب امتحانات الشهادة السودانية نموذجًا

عندما أُشعلت نار الحرب في السودان في أبريل 2023، كان يُعتقد أن التعليم سيكون أول الضحايا. ولكن، كما هي عادة هذا الشعب، أثبت السودانيون مجددًا أن الإرادة لا تُكسر. امتحانات الشهادة السودانية لهذا العام كانت تجسيدًا حيًا لهذا الصمود، حيث جلس أكثر من 343,644 طالبًا وطالبة لأداء امتحاناتهم رغم كل الصعاب.
هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا الجهود الحثيثة لمؤسسات الدولة والمجتمع، بل وحتى الدعم الإقليمي. أكثر من 2300 مركز امتحانات داخل السودان و59 مركزًا خارجيًا نُظمت بعناية. وفي خطوة تُظهر التزام السودان بتأمين التعليم للجميع، حتى اللاجئين، تم إنشاء مراكز خاصة في دول اللجوء مثل مصر. هذا التنسيق بين وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية، هو رسالة واضحة بأن التعليم حق لا يمكن التنازل عنه، حتى في أصعب الأوقات.
لكن، الدور الأكبر في هذه القصة يعود إلى المجتمع السوداني نفسه. الأهالي، المعلمون، والمتطوعون بذلوا جهودًا لا تُقدر بثمن لدعم الطلاب نفسيًا وماديًا. رأينا مبادرات فردية وجماعية لتقديم الدروس، وتجهيز المراكز، وتذليل العقبات، وكأن الكل يقول: “لن نسمح للحرب أن تأخذ مستقبل أبنائنا.”
قصص الطلاب أنفسهم كانت الأكثر إلهامًا. أكثر من 120,000 طالب وطالبة من المناطق غير الآمنة تحدوا كل الظروف ليصلوا إلى مراكز الامتحانات. هؤلاء الشباب والشابات أثبتوا أن الأمل لا يزال حيًا، وأن التعليم هو سلاحهم الذي لن يتخلوا عنه مهما كانت التحديات.
في هذه الظروف، لعبت بعض الدول دورًا مهمًا في دعم هذا الجهد. مصر، على سبيل المثال، فتحت أبوابها للطلاب السودانيين و سمحت بأنشأ 27 مركزًا للامتحانات، مما يعكس عمق العلاقة بين البلدين.
كما أثبت السودانيون، أن التعليم ليس مجرد عملية أكاديمية، بل هو أداة للصمود وبوابة لاستعادة الحياة الطبيعية. هذه التجربة تُظهر أن التكاتف المجتمعي والإقليمي يمكنه أن يُحقق المستحيل.
ورغم ما تحقق، لا تزال التحديات قائمة. استمرار العملية التعليمية في ظل الحرب يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا طويل المدى يضمن حقوق الأجيال القادمة، لأن التعليم ليس ترفًا، بل هو ركيزة أساسية لبناء مستقبل أفضل.
في النهاية، امتحانات هذا العام ليست مجرد حدث تعليمي عابر. إنها رمز للصمود، ودليل على أن إرادة الشعب السوداني قادرة على تحويل المستحيل إلى واقع. وما هذه التجربة إلا دعوة لمواصلة العمل من أجل دعم التعليم، لأنه الطريق الأكيد لبناء سودانٍ أقوى وأكثر إشراقًا.
٣١ ديسمبر ٢٠٢٤م