العنكبوت دكتور مهند عثمان التوم يكتب لحظات مؤلمة في عملية إجلاء شمبات

وصلني فيديو يظهر مشهد مؤلم يجسد مأساة إنسانية عميقة وثق عملية إجلاء لعدد من المواطنين في منطقة شمبات في خضم عمليات عسكرية عنيفة، لكنه كان مليئاً باللحظات التي تنبض بالحزن والألم عربة قتالية صرصر للحماية عن مرمي النيران وأفراد من القوات المسلحة البعض يدفع كراسي بها كبار سن وآخرين يحمون المواطنين باجسادهم بالتفاف دائرة، تظهر الكاميرا وجوها شاحبة بالخوف وأطفال صغار تتلألأ في عيونهم دموع الرعب ونساء يلتصقن بأطفالهن خوفا من فقدانهم وكبار سن علي كراسي عجلات ودرقات في لحظة قد تكن الاصعب ولحظاتها اطول من سنوات عمرهم، لأن كل زاوية من زوايا الفيديو تحمل قصة مأساوية حكاية عن أحلام محطمة وآمال متلاشية أصوات السلاح تُعزف كسمفونية حزن لا تنتهي بينما تتأرجح الأرواح بين الحياة والموت حتي نسمع صوت المصور يقول حمدلله علي السلامة
أظهر أفراد القوات المسلح بالفيديو وهم يبذلون جهدهم في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه شجاعة وبسالة صقر الجديان المتوشح بالوان السودان يستحقون التكريم فإن كانت لي السلطة لاعطيتهم وسام الشجاعة لأنهم أكدوا بأن قواتنا المسلحة رمزاً للأمان والحماية، تجد نفسها في أصعب المواقف بين إنقاذ الأرواح ومرارة ما يحدث، نرى بالفيديو الجنود يحملون الأمتعة الثقيلة وقلوبهم مثقلة بالألم واجسادهم تتلف حول من لا قوة لهم يسعون لإنقاذ من يمكن إنقاذه، بمشاعر ليست بعيدة عن شعور الخسارة الكبرى التي يواجهها المواطنون بفقدان حياتهم أن لم يلتزموا بخط السير.
فكل لحظة مشهد تتفاجر التكهنات عندنا حول مصير هؤلاء الذين تُركوا وراءهم كل شيبمشاعر حزن عميق هل سينجون والحمدلله في نهاية الفيديو نسمع حمدلله علي السلامة لأولئك الذين نُقلوا إلي بر الأمان يحملون معهم جروحاً ليست مرئية، جروحاً نفسية تفوق جسيم الأنفاس ذكريات مروعة لن تُمحى للصغار قبل الكبار
هذه اللحظة المأساوية تشير بوضوح إلي حجم الضرر الذي تسببه الحروب حيث يدفع الثمن الأعظم الأسر التي تسع فقط للعيش بكرامة يُظهر المقطع كيف أن الأمل يمكن أن يكون خيالياً في حين أن الألم حقيقي وأحيانًا يكون أشد من أن يُحتمل، مشاهد لا نشهدها الا في افلام بوليود وهوليود المثيرة المخصصة للكبار اكثر من 18عاماً، تتحرك الأحداث في السودان مؤخراً بسرعة، ومن يدري ماذا ينتظر المدنيين الذين نجوا من هذه اللحظة؟ أجزم أن الخوف والقلق في قلوبهم لا زال باقي، وماذا عن الذين لم يُحالفهم الحظ ليتم إجلاؤهم بعد؟ فهل تبقى دماؤهم تحت الرماد، وأصواتهم تصرخ في صمت؟
إذا كانت الحرب تعني تدمير الحلم فإن الرسالة التي تتركها هذه العملية المؤلمة هي أن الإنسانية لا تزال تتشبث بالحياة في أحلك اللحظات فلنتذكر أن هؤلاء الأرواح التي تُعاني في صمت تستحق كل العناية والدعم، يجب أن نزن الألم الذي عاشوه ونحرص علي أن لا نكون مجرد مشاهدين بل نشطاء من أجل إنهاء هذه المآسي، لنحافظ علي الأمل ولكننا لسنا مخطئين بمشاركة الحزن فقد تكون تلك هي الخطوة الأولى في طريق الشفاء. الحرية ليست مجرد كلمة، إنها حق أساسي يجب أن يسعى إليه كل إنسان. لكن حتى ذلك الحين، سنظل نحتفظ بذاكرة أولئك الذين غمرهم الحزن، ونتمنى اليوم الذي يجلب لهم السعادة والسلام.
Mohanedoe89@gmail.com