د. زكي محمد البشير يكتب حكومة في وقت استثنائي

• جبلنا نحن اهل السودان على الا نتعمق في الأشياء، بل يكفينا ما نراه، بل ما نسمعه وأحيانا ما نحسه وان غالط الحقيقة والواقع ،وهذه السطحية المبالغ فيها اوردتنا موارد الهلاك .
• طباعنا واخلاقنا وامزجتنا مرت عليها دهور وازمان وتقلبت فينا المواجع والالام، واعملت فينا السنين فعائلها، فأصبحنا قليلو الصبر في كثير من الأحيان مستعجلي النتائج نعادي كل ناجح ونرفع قدر كل طالح اختلطت عندنا الأوراق ، ولا نعرف رد الجميل في أحيان اخري .
• اضرب مثالا واحدا هو شاخص امامنا الان ( الحكومة الحالية ) وهي تخطو بثبات نحو الاستقرار تجاوزت المحنة والصدمة الأولي وحركت خبراتها ووطنت نفسها ليعبر السودان ،عملت في صمت تحت رقابة مجتمعيه قوية ضربت فيها الانقسامات عميقا وانقسمت فيها الامزجة والأفكار وتباينت الرؤي ووان انقسام هذا المجتمع ناتج من الاهواء وحب الذات والانا وخارج من حملة شيطنة امتدت لأربع سنوات كالحة تجذرت فيها الكراهية والبغضاء .غير ان حرب الكرامة قد ميزت الصفوف تماما .
• من اقدرا الله ان يصادف قيام الحرب إدارات مكلفة بوزارت وهم مهنيون تقلبوا في إدارات الوزرات والولايات في العمل التنفيذي بخبرتهم هم أقرب الي مطبات العمل .
• في هذه الظروف العصيبة والحرب التي فرضتها علينا الاجندة الخارجية والتواطؤ الداخلي وتم استغلال سذاجتنا وسطحيتنا وان شئت قلت الطيبة الزائدة عند غالب أهلنا في عموم اهل السودان شرقه وغربه شماله ووسطه وجنوبه ، رغم اننا شعب لا يغرق في الملذات ولا جبل علي حب الشهوات وليس من الشعوب المنشغلة بالترهات ولا يعرف عنه المكر، والخداع، والكيد، والحيل بل جبل علي الكرم الباذخ والمنح بلا مني ولا اذي .
• قامت الحكومة الحالية برئيس مجلس وزراءها المكلف الأستاذ عثمان حسين عثمان ووزراءها الميامين كلهم بدون فرز بعمل جبار في ظرف بالغة التعقيد وان السيد وزير شون مجلس الوزراء وكيف ان هذا الرجل الصامت يتابع ويدقق ويوجه دون ضوضاء ويرتب بطاقم محدود وخبرة لا تحدها حدود ، تسامت ارواحهم فوق النقد واهتموا بتسيير دولاب العمل يقطعون من جلودهم ويسقون جداول الخدمة المدنية عرقا وجهدا وخبرة سكبوا فيها عصارة خبرتهم وهم الذين تدرجوا في دولاب الخدمة المدنية يعرفون نظمها ولوائحها وساهموا في محطات مختلفة في تطويرها ومراقبين لأنظمة التحول فيها وهم الأقرب لموظفيها وحركتها وسكونها .ملتزمون بلوائح العمل التي يري اغلب اهل السودان انها بيروقراطية مقيته.
• تستمر الحرب وما زادتهم الا صلابة وقوة فها هو وزير الصحة الدكتور هيثم محمد إبراهيم يتنقل من مكان الا مكان مستنفدا طاقة وسعه محركا لآلة حربه البيضاء منافحا ومدافعا ومثبتا لجيشه الأبيض يغذي المستشفيات ويفتتح المؤسسات العلاجية ويستجلب دعم المنظمات .وها هو وزير العمل الأستاذ احمد علي يصلب طوله يخرج المناشير ويساير الأوضاع ويوفق المواقف لتسيير دولاب العمل وهناك تجد وزير المالية الدكتور جبريل والوكيل عبد الله إبراهيم اثبتوا للعالم ان بالعقل لا الموارد فقط من يغطي حاجة الناس وان الخبرة المهنية قادره علي صنع المستحيل من توفير سلاح وعلاج ومعاش ووقاية .
• ما أصعب الظروف التي يتحرك فيها وزير الخارجية السفير علي يوسف وتلك المطبات والمنعرجات وهو يتخطاها واحدة تلو الأخرى والوزير الأعيسر السوخوي وكل الوزراء يتعاطون مع الواقع تعاطي مهني لا تهزهم الشعارات ولا تقعد بهم انهم مكلفون .
• والانتقاد الذي وصل اللحم الحي وزير الداخلية وهو يوازن ليغطي مساحات تم تحريرها فيظهر البوليس في اقسامه ليبعث الطمأنينة في نفوس العائدين الي دورهم.
• ولا يهتمون لما يتنادى به الغير لا توجد حكومة عينوا حكومة وهم فوق الاشواك هذه يسيرون بالدولة الي بر الأمان تخطوا بها أصعب اللحظات فمن الظلم الا نقدم لهم كلمة الشكر ونمسك فيهم بأيدينا لأنهم ليسوا سياسيون وحزبيون، بل مهنيون تفانوا في خدمة البلاد وأظهروا جلدا وحكمة وهم فيها زاهدين، ولكنهم لبوا نداء الوطن حينما هرب الكثيرون .
• الحكومة المكلفة بوزرائها وولاة ولاياتها لم يقنطو ولم يجبنوا، بل شمروا ساعد الجد واثبتوا صبرا عند الشدائد وشحا في الانفعال بالنقد والضجر ومارسوا المهنية في ثبات عجيب وصبر غريب حير الطامعين في الكراسي الساعين للسلطة من كل باب .
• هم لم يطالبوا بالبقاء في السلطة . ووصيتي ونصيحتي لهم ان بعض الانتقاد بناء فليس كله شر مستطير فالمعالجات التي يجب ان تكون من الواجب وضعها في عين الاعتبار فهناك قصور واضح في مجالات عديده تحتاج قرارات شجاعة وان تم تعيين حكومة سيكون لسان حالهم : تركت بها آثار علمي وحكمتي ***على الدهر لا تبلي ولا تتثلم
وفيها علومي كلها غير انني*** اري قبل هذا ان اموت فتعلم
• لماذا نحن جاحدون ونضن بقول الحق فيمن اثبت في ساعة الضيق جلد وصبر وقدم عصارة فكره.
• رحل عنا قبل أيام العالم الزاهد خبير الاتصالات المهندس عادل الحسن الحسين وقائد ثورة التحول الرقمي في صمت صباح الجمعة بعد ان ادي صلاة الصبح في جماعة تغمده الله بواسع رحمته وترك لنا سيرة عطرة مشحونة بالشهامة والكرم الفياض والصمت الحكيم .
• من بيده القرار تعيين الحكومة الحالية ومنحها وصف حكومة المرحلة الاستثنائية ثم بعد ذلك أن كان هناك تغيير فاليتم بعد شكرهم علي ما قدموا واجزلوا العطاء .
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ اللهم هون علينا وهيئ لنا من امرنا رشدا.