أعمدة الرأي

همس الحروف  د. الباقر عبد القيوم علي يكتب رسالة عاجلة إلى سعادة رئيس مجلس السيادة ، عبر رئيس القضاء

 

السيد رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان

 

تحية طيبة و بعد

 

في هذا الظرف العصيب الذي تمر به بلادنا الحبيبة جراء الحرب التي ألمت بها ، نجد أنفسنا في مواجهة تحديات إنسانية و قانونية تستدعي وقفة من جميع المعنيين بحقوق الوطن و المواطن وسلامته . أكتب إليكم اليوم لطرح قضية إنسانية وقانونية تهم شريحة واسعة من المساجين الذين تم إطلاق سراحهم إثر ظروف الحرب الراهنة ، و قد أجدها من واجب الضمير أن أرفعها إلى مقامكم الكريم ، لتوليها العناية و الاهتمام الذي يليق بها .

 

إن مساجين الخرطوم الذين خرجوا من السجون بفعل آثار الحرب والدمار ، لم يهربوا منها بإرادتهم ، بل كانوا ضحايا لظروف استثنائية أملتها عليهم الحرب . و لم يكن لهم الخيار في البقاء خلف القضبان ، بل غادروا سجونهم نتيجة لظروف خارجة عن إرادتهم . و بعض حينما وجدوا أنفسهم في مناطق آمنة، قاموا بتسليم أنفسهم طواعية للسلطات المختصة ، أملاً منهم في أن يحظوا بفرصة إعادة التقييم ، والنظر في حالاتهم الإنسانية بعين الإعتبار .

 

إلا أنه ولسوء الحظ، تم حساب فترة اعتقالهم التي تلت تسليم أنفسهم دون الأخذ في الاعتبار الفترة التي أمضوها في ظروف الحرب المأساوية . تلك الفترة العصيبة التي يمكن أن تعتبر جزءاً أصيلاً من معاناتهم ، سواء كانوا قد سلموا أنفسهم بأنفسهم ، أو حتى الذين تم القبض عليهم بعد فترات من الهروب القسري الذي تم فرضه عليهم بقوة آلة السلاح . و لذلك يجب أن نعي تماما أن هؤلاء الأفراد ، الذين تم تحريكهم بفعل أقدار الحرب ، لا يحملون في كثير من الأحيان عقليات قانونية تؤهلهم لإدراك العواقب القانونية لأفعالهم في مثل هذه الظروف .

 

سيدي الرئيس : إن العدالة لا تكمن فقط في تطبيق القوانين بشكل آلي ، بل في أن تكون قوانيننا منصفة و مواكبة ، و مراعية للظروف الإنسانية ، خاصة في زمن هذه الأزمات والحروب . فهؤلاء الأفراد، الذين قاموا بتسليم أنفسهم بطرق حضارية بعد أن نجوا من محنة الحرب ، فينبغي أن يُنظر إليهم بعين العطف والرحمة ، مع الأخذ بما مروا به في الاعتبار . و إن أخطاءهم قد تكون ناتجة عن فقدانهم للأمان وضياعهم في خضم النزاعات ، وعليه يجب أن تحسب فترة الحرب ضمن مدد سجنهم ، وأن تُمنح لهم فرصة عادلة لتصحيح أوضاعهم .

 

إننا نرفع إليكم هذه المناشدة الطيبة، سيدي الرئيس، أملاً في أن تجد هذه القضية منكم التفهم والدعم ، و أن تتخذوا الإجراءات القانونية والإنسانية اللازمة لتعديل الأوضاع المتعلقة بهؤلاء الأفراد الذين قدموا شهداء منهم في اول الحرب ، و لذلك يجب أن ينالوا العدالة التي يستحقونها في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي مروا بها .

 

أرجو أن تنال هذه القضية المهمة ، العناية اللازمة من قبلكم ، وأن يكون القرار المرتقب في صالح هؤلاء الأفراد الذين يتوقون إلى حياة أفضل تحت ظل العدالة والإنسانية ، و ذلك بما لديكم من سلطات قوية ، تخولكم من ذلك تحت قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 .

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!