أُسَيْدِيات الثلاثاء عثمان الشيخ الأُسيْد يكتب عيدية الفرح بالعيد منصوصٌ عليه في القرآن الكريم

اللهم، كما اسعدتنا باعياد الدنيا، أسعدنا باعياد الجنة. العيد هو موسمُ الفرح والسرور، وأفراحُ المؤمنين وسرورهم في الدنيا إنما تكون بما أنعم اللهُ عليهم من القيام بعبادة الصيام الذي هو من أفضل الأعمال الصالحة، وبما أباحَ اللهُ لهم من الطعام والشراب والنكاح، الذي كان مُحَرَّما عليهم حال الصوم، وفرحهم بفوزهم بإكمال طاعته، ونيلِ ثواب أعمالهم بوعده لهم بفضله ومغفرته كما قال تعالى: (قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) يونس 58..
أعيادُ المسلمين فضلٌ من الله تعالى، والفرحُ بفضل الله وبرحمته ونعمه وإحسانه شيءٌ مشروع، فالمؤمنُ يفرحُ أنَّ اللهَ هداه للإسلام، وأنه أعانه على الصيام والقيام وأنه- بفضله- أدرك يومَ العيد وأن اللهَ أعانه على بر والديه، وصلة أرحامه، وأعانه على فعل الخير. اما أعياد المؤمنين في الجنة، فهي أيام زيارتهم لربهم عز وجل، فيزورونه ويُكرمهم غايةَ الكرم، ويتجلى لهم وينظرون إليه، وما أعطاهم شيئًا هو أحب إليهم من ذلك، وهو الزيادة، التي قال الله فيها (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) يونس 26..
أما الذين قُتلوا في هذه الحرب من أبناء الوطن، بكل قطاعاتهم، فنحسبهم أحياءَ عند ربهم يُرزقون، ويسعدون بعيدهم في الجنة بزيارته عز وجل، فيكرمهم غاية الكرم، ويتجلى لهم وينظرون إليه، والذين لم يصطفيهم اللهُ للشهادة من الجرحى والأسرى والمفقودين، انهم أيضا موعودون بفرح سعيد،(وكلًا وعد اللهُ الحسنى) فالعبرة في القرآن بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقيل في الحكمة المشهورة: «ما من مِحنَةٍ إلا وراؤها مِنْحة»، والمعنى أن المحنَ التي يتعرض لها العبدُ المؤمن، لا تخلو أن تكون منطويةً على منحٍ إلهية قد لا تكون ظاهرة في بادئ الأمر، وقد تظهر على أثر المحنة أو تظل خافية حتى يجد أثرَها في اليوم الآخر
المسلم الذي يقضي عيده في مدن آمنة ليس بأفضلَ من المسلم الذي يعيش العيد تحت القصف، فقد قال الله تعالى في سورة الكهف الاية 49 ( ولا يظلم ربك أحدا) وكلنا شاهد ويشاهد كيف ينزل الله الطمأنينةَ والوقار، والسكون في قلب عبده، عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان، أنتهى.. نعم، الله عز وجل هو الذي يسمع ويرى فيحكم بين عباده في أعمالهم جميعا، ولا يظلم أحدًا من خلقه، بل يغفر ويصفح ويرحم ويعذب من يشاء بقدرته وحكمته وعدله. وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ البقرة(253)
واجبُنا في العيد أن نفرحَ ونسعدَ ونزرعَ التفاؤلَ بين الناس ونحثهم على عدم اليأس مهما كان المشهد، ونساعدهم على تجاوز احزانهم، لأن الحزن يسرُّ العدوَ، ويُشمت بك الحاسد، ويغيِّر عليك الحقائق ويجعلُك تنسى النعمَ
مهما حدث لا تجعل الظروف تغير مواصفاتك، فان دوام الحال من المحال.
كل عام وبلادُ المسلمين مُطْعَمَةً من جوعٍ وآمنةً من خوف، آمين يا رب العالمين، فنحن نُحسنُ الظنَّ فيك، ونعلم أنَّك على كل شيءٍ قدير..
والله اعلى واعلم..
1 أبريل 2025م