تقارير

بعد صمودها عامين في وجه استهداف الميليشيا المتمردة،،

 

منطقة الشجرة،، العــودة إلى الحيـاة..

 

ملاحم ومبادرات مجتمعية جسدت قيم الانتماء للوطن في زمن المحن..

 

شهداء وجرحى، ودروس في التكافل والعمل الجماعي قدمها شباب المنطقة..

 

إشادة بمواقف قائد سلاح المدرعات وأركان حربه في دعم وإسناد المواطنين..

 

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..

 

بعد عامين كاملين من المعاناة، بدأت الروح تدب في جسد مدينة الشجرة جنوب الخرطوم، بعد أن تيبست في عروقها الحياة جراء المعارك المحتدمة التي شهدتها المنطقة على خلفية الهجمات المتكررة التي ظلت تشنها ميليشيا الدعم السريع المتمردة على القوات المرابطة في سلاح المدرعات والتي تجاوز عددها ١٠٠ هجمة جعلت من منطقة الشجرة واحدةً من أكثر بؤر النزاع اشتعالاً في العاصمة الخرطوم، إذ أفرزت هذه الموجات المتكررة من الهجمات، واقعاً إنسانياً كارثياً على السكان القاطنين في أحياء الحماداب، والشجرة والمناطق المجاورة لها، مما أدى إلى حركة نزوح واسعة، ومن صمد في المنطقة واجه خطر الموت سواءً بفعل الدانات والقذائف، أو بالنقص الحاد في المياه والغذاء والدواء.

ذكريات مريرة:

وأصبحت كل المعاناة التي كابدتها منطقة الشجرة على مدار عامين كاملين، مجرد ذكرياتٍ مريرة من ماضٍ أليم، حيث سطّر مواطنو الشجرة والحماداب بمختلف فئاتهم وأعمارهم ملاحم وطنية جسدت قيم الانتماء والارتباط لنفرٍ ألوا على أن أنفسهم يعمِّروا ما دمرته الحرب، وشاءوا أن يكونوا العمق في بحر التماسك مهرجاناً كالصلابة أقوياء، بل عزفوا ألحاناً من التعاون على البر والتقوى عبرّوا عنها من خلال المبادرات المجتمعية الهادفة والتي استطاعت أن تعيد بريق الأمل، وترسم ملامح الحياة بين شوارع وطرقات الأحياء التي تأثرت سلباً بأوضاع أمنية وإنسانية قاسية تحت ظلال الحرب بسبب القصف العشوائي، والمعارك المفتوحة، التي دمرت البنيات التحتية وأوقفت نبض الحياة في المدارس والأسواق، وقطعت حبل الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء واتصالات لفترات طويلة.

مبادرات وإسناد مجتمعي:

وفي ظل غياب مؤسسات الدولة الرسمية في بواكير الحرب، انبرى الشباب والقيادات المجتمعية بمنطقة الشجرة وبادروا من خلال لجنة الإسناد المجتمعي، وغرفة طوارئ الشجرة والحماداب بتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين الصامدين في المنطقة، ويقول الأستاذ صلاح القنالي الأمين العام لمركز صحي الشجرة إن الفترة الأولى شهدت جهوداً مقدرة لتقديم بعض المواد الأساسية للمواطنين المتمثلة سلال غذائية شملت السكر والعدس والدقيق وزيت الطعام وغيرها، حيث كانت تصلهم من قيادة سلاح المدرعات، بالإضافة إلى الأدوية والعلاجات الخاصة ببعض الأمراض المزمنة والتي كانت توفرها لهم مستشفى المدرعات التابع لمنطقة الشجرة العسكرية في سلاح الذخيرة، ونوه القنالي في إفادته للكرامة إلى وجود بعض المطابخ ” التكايا” التي كانت تقدم الطعام الجاهز في عدة أحياء بواسطة مناديب معتمدين، مبيناً أن مهام لجنة الإسناد المجتمعي انتهت بحلول شهر أبريل الماضي عندما تم فتح الطرق وبدأ المواطنون يعودون إلى مناطقهم، وأشاد الأستاذ صلاح القنالي بقيم التكافل والترابط التي سادت منطقة الشجرة والحماداب خلال الفترة الأولى من الحرب بدعم وإسناد قيادات منطقة الشجرة العسكرية بقيادة اللواء دكتور نصر الدين عبد الفتاح قائد سلاح المدرعات وأركان حربه، وأكد القنالي أن منطقتي الشجرة والحماداب قدمت أرتالاً من الشهداء، ومن الجرحى والمصابين الذين اُستنفروا في معركة الكرامة وخلاص الوطن، والتحموا مع الجيش في الخنادق وفي المواقع الأمامية في مختلف جبهات ومحاور القتال ومازالوا صامدين، وما بدَّلوا تبديلا.

مسؤوليات جسام:

ويقول الكوتش متوكل محمد عبد الله بحار المتحدث باسم أبناء الشجرة والحماداب إن الشباب والقيادات المجتمعية بالمنطقة تحملوا المسؤولية كاملة في بواكير الحرب حيث كانت الأوضاع قاسية جداً في ظل استمرار القصف المستمر لميليشيا الدعم السريع على سلاح المدرعات، مشيداً بالوقفة القوية للقيادة العسكرية لسلاح المدرعات بقيادة اللواء دكتور نصر الدين وفريقه المعاون، واستعرض بحار في إفادته للكرامة الجهود التي بذلها أبناء الشجرة في مرحلة ما بعد فتح الطرق وعودة المواطنين إلى أحيائهم، منوهاً إلى شروع لجان المقاومة، وشباب الأحياء، والمبادرات المجتمعية في تقديم المساعدات الإنسانية والطبية من خلال تنظيم حملات طوعية شاملة لفتح الطرق، ونظافة الأحياء، وإزالة الركام، إلى جانب أعمال الترميم التي انتظمت بعض المرافق المتضررة مثل المدارس والمساجد والمراكز الصحية في مشهد عكس تصميم هؤلاء الشباب على إعادة الحياة والكرامة إلى المنطقة، ونوه الكوتش بحار إلى الحضور الفاعل للكوادر الطبية في مشهد الحراك المجتمعي المتكافل والمتضامن، مشيراً إلى العيادات الميدانية التي أقاموها وقدموا من خلالها الإسعافات الأولية والأدوية المجانية، واستقبلوا المرضى من كبار السن والأطفال بكل تفانٍ، ونظموا حملات تطعيم للأطفال والنساء، مبيناً أن المرحلة المقبلة ستشهد العمل في إعادة تأهيل الكثير من المرافق المتضررة من القصف العشوائي بما يعيد الوجه المشرق للشجرة والحماداب والمناطق المجاورة لها، وأعرب الكوتش بحار عن تقدير مواطني الشجرة والحماداب الكبير لرجل البر والإحسان السيد علي عطا الله الذي وفَّر للمنطقة شبكة متكاملة من الطاقة الشمسية، إضافة إلى خيرين كثر يعملون من خلف الكواليس، مناشداً المنظمات والجمعيات الخيرية ورجال البر والإحسان تقديم ما يستطيعون من عون ودعم لتستمر المسيرة القاصدة.

خاتمة مهمة:

ومهما يكن من أمر، فمثلما قدم أبطال سلاح المدرعات نموذجاً في الإرادة التي لا تلين، والعزيمة التي لا تنكسر، وهم يصمدون في وجه حصار ميليشيا الدعم السريع الخانق، ويتصدون لهجماتها المتكررة، فقد ضرب مواطنو منطقة الشجرة والحماداب درساً آخر في معنى التعاون والتكافل المجتمعي وهم يتماسكون ويتحدون على قلب رجل واحد من أجل إعادة الحياة إلى منطقتهم، وغرس شتول الأمل، والتأكيد على أن الحرب مهما دمرت من مباني ومرافق، ولكن نفوسهم مازالت صامدة وأبية وقادرة على البناء والإعمار وإعادة الشجرة سيرتها الأولى.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!