فلاشات حول خطاب رئيس مجلس الوزراء

القضارف : عبداللطيف خلف الله احمد
ما جاء في خطاب رئيس مجلس الوزراء الانتقالي د. كامل ادريس يحمل العديد من المعاني والدلالات غير ما هو مألوف إذ أنه استخدم العبارات النافذة مباشرة والمعلومة بالنسبة للجميع لا سيما انه اعتمد علي التأكيدات التي تلامس الواقع الذي تعيشه الأمة السودانية والتحديات الماثلة التي تتطلب قرارات قوية تساعد علي إعادة الاوضاع الي نصابها والتي تأثرت كثيرا بما خلفته الحرب التي طالت كل مفاصل الحياة من حيث الإنسان والمؤسسات والمرافق العامة والإستراتيجية ولعل هذا كافي بأن يستلهم رئيس مجلس الوزراء كل القرارات والموجهات التي تعالج مثل هذه القضايا الملحة ..
ما يستوقف في الخطاب هو عمق التفكير في إعداد مصفوفة وطنية تلبي حاجة المواطن في شتي المجالات الحياتية سواء كانت اجتماعية او اقتصادية او سياسية وثقافية فكلها محاور تستوجب اعداد خارطة متكاملة تعزز ما هو موجود وترمم ما لحقت به الحرب خاصة فيما يلي الحياة الاجتماعية التي برزت فيها الكثير من التصدعات مما يستدعي الي إعداد برامج حقيقية والي شخصية سودانية وطنية تعرف تفاصيل ممسكات العقد الاجتماعي السوداني ..
ما هو أهم البناء السياسي الذي يلقي بظلاله علي الحياة الكلية ويؤثر مباشرة علي البناء المجتمعي للأمة السودانية ، وما ادخل البلاد في هذا النفق الهشاشة السياسية بالبلاد والتي شكلت بعدا جديدا علي المجتمع السوداني الذي تربي علي القيم والأخلاق والمثل التي قلما ما توجد في بقية المجتمعات ، فعلي رئيس مجلس الوزراء ان يتعامل مع هذا الملف برؤية واضحة وثاقبة تعيد البناء السياسي عبر الشعب الذي صمد أمام هذه المؤمرات التي حيكت ضده بشعارات جوفاء وبانتهازية لا صلة لها بالمواطن ومتطلباته ، فالاعداد الجيد من قبل مجلس السيادة ومجلس الوزراء فيما يلي تنظيم الكيانات والإعداد للانتخابات واختيار الشعب هي الأساس للعودة الي جادة الترتيب السياسي الذي يرتضيه أهل السودان ، وغير ذلك ستظل الحلقة مفرغة ، كل ذلك يأتي عقب الفترة الانتقالية التي تتطلب تأمين البلاد من كل المهددات عبر القوات المسلحة التي تقود محور البناء في المجالات آنفة الذكر حتي تقع البلاد مرة اخري في أيدي الخونة والتآمر الخارجي الذي لم ولن يترك السودان علي حاله لأنهم يعرفون اذا انطلق هذا المارد فلن يتوقف ..
أما الجوانب الاقتصادية فبالرغم من الحرب والتحديات الا قوة الاقتصاد السوداني كانت بقدر التحدي فاستطاعت القوة الاقتصادية ان تظل متماسكة عبر منظومة الإنتاج في المجال الزراعي بشقيه النباتي والحيواني بالإضافة الي التعدين الذي له دور كبير في المحافظة علي هذا الوضع الذي نعيشه الان ، نعم لقد تضررت العديد من المؤسسات في المجال الاقتصادي ومؤسساته الا ان هنالك ثبات نسبي في أسعار الصرف مما يؤكد علي قوة الاقتصاد السوداني ، كل ذلك يشير الي ان المرحلة المقبلة كفيلة الي إعادة وتنظيم مؤسسات اقتصادية بقدر التحدي فإذا احكمت حلقاته فسينهض الوطن رغم الجراحات والازمات ..
أما الجوانب الاخري الاجتماعية والثقافية تحتاج الي نظرة جديدة تدفع بتعزيز التماسك المجتمعي الذي حتما تأثر كثيرا بممارسات الحرب التي كانت مقصودة من قبل المليشيا ودوافع أصحاب الاطماع من دول البغي والطغيان وذلك بالتغيير الديمغرافي الذي كانت تهدف اليه تلك المؤامرة الرخيصة التي لم تراعي حرمات المجتمعات ، وهذا له ارتباط وثيق بالثقافة واحداث التغيرات التي تؤثر وتتأثر بما حولها من عوامل .
ما ينتظر رئيس مجلس الوزراء الجديد يتطلب كفاءات ذات مقدرات عالية تفكر بعمق وخارج الصندوق كما هو مشاع من ألفاظ لان الوضع ليس طبيعي حتي تسهل عمليات التغيير واحداث التوازن في كل المجالات ، بالإضافة الي الشخصيات الوطنية التي اثبتت ان الوطن ليس سلعة للبيع واتفاقيات رخيصة تنال من خيراته وموارده والوقوع في نفق الاستعمار الجديد .