أعمدة الرأي

لواء شرطة (م) : د . إدريس عبدالله ليمان يكتب الأبطال يأكُلُون ( المَرَارَة ) والأوغاد يَتجَرَّعونها ..!!

 

لقد عاش الشعب السودانى خلال العامين الماضيين يوميات الملحمة العظيمة التى خاضها الجيش السودانى ومن معه من المؤسسات الأمنية ومن المجاهدين والتى لم تنتهى بعد .. تلك المعركة الوجودية التى سَيُخَلَّدها تأريخ السودان الحديث تحت عنوان معركة الكرامة بكتابة فصولها الدامية بمدادٍ من دماء الأبرياء التى أسالتها المليشيا الأكثر إجراماً على إمتداد سجل الزمن بعد التتار والتى كادت أن تقنعنا دعايتها وآلتها الإعلامية الجبارة أنها القوة التى لاتُهزم فرأيناها تتذوق *مَرَارَة* الهزيمة وتتجرعها ( بالجملة وبالقطَّاعى ) بدءًا من جبل موية ومروراً بودمدنى وقرى الجزيرة والنيل الأبيض والخرطوم ومروراً بكردفان الكبرى شمالها وجنوبها وغربها وإنتهاءً بأقصى حدودنا الغربية مع تشاد وأفريقيا الوسطى قريباً جداً بمشيئة الله تعالى .. فكما أن أهل السودان يعيشون هذه الأيام فرحةّ عظيمة بالعيد المبارك تكبيراً وتهليلاً وتعظيماً لشعائر الله ويتلذذون بأُضحياتهم *وبالمَرَارَة* ويرتشفون طعم النصر كإرتشافهم للشربوت رغم المسغبة .. فإنَّ المغول الجُدد وتتار العصر يتلقون الضربات الموجعة على يد قواتنا المسلحة وجميع الأبطال ويَتَجَرُّعون *مَرَارةَ* الهزائم المتتالية ..!! فقد عاش أهل السودان الكرماء أياماً كالحة السواد وحرباً ظالمة كانت تنقلها كاميرات وهواتف أفراد المليشيا المجرمة نقلاً مباشراً بمنتهى الإستفزاز والإهانة ..!! فتلك الحرب الوجودية قد إستهدفت الجهاز العصبى للدولة السودانية وكان معيار الإنتصار فيها عند أولئك الأوغاد بعدد الأعيان المدنية التى يتم تدميرها وإخراجها من الخدمة وبعدد الذين يتم قتلهم من النساء والأطفال والعجزة والمرضى بل ومن الجميع فهى لم تستثنى أحداً ..!! وعاش أهل السودان حزناً عظيماً فوق قدرة تحمل البشر قتلاً وترويعاً وإبادة بفعل أولئك التتار الذين تفوح رائحة الكراهية ورائحة الدماء من أفواههم القذرة ومن ملابسهم النَتِنة ومن شعرهم الذى يملؤه القَمل ..!! ولم يسلم منهم أحد مريضاً أو صحيحاً طاعناً فى السن أو صغيراً جريحاً أو أسيراً ..!! وكل الذى كان يَفصِلُنا من الوقوع فى *رِّق آل دقلو* وكلابهم وضواريهم فقط تلك البندقية المُستأجرة وبضع رصاصات غادرة .. فحقائق الأشياء تقول أن من يملك البندقية التى تفتقد للإنسانية مع الجهل وإنعدام الوازع الدينى ضد العُزَّل هو صاحب القرار وسيد الموقف ولكنَّ الله سَلَّم ..!! وهاهى بلادنا تترقب مع فرحة العيد بشائر النصر الإستثنائى العظيم الذى يصنعه ويُشارك فى صنعه الشُرفاء الأخيار من أهل السودان ، وهذا الترقب هو الذى يمنح أهل السودان القدرة على التعايش مع أحزانهم الكبيرة والقول ب (*لا* ) لمن راموا إهانتهم وعدم القبول بأية وصاية من أحد .. وهو الذى يبعث الأمل فى الحكومة المرتقبة التى نسأل العلى القدير أن يَحُفَّهَا بنصره وتوفيقه وأن يكون الإخلاص دليلها إلى النجاح وحاميها من الفشل ..!! فقد عزموا جميعهم بالإَّ يلتفتوا لمن إختار التَخلُّف خِيانةً أو عدم فهم لحسابات التأريخ والجغرافيا والسياسة ممن إستمرأوا لعق أحذية الأسياد وبيع الوطن والضمائر بثمنٍ بخس فى المزادات الرخيصة ..!!

هذه الحرب اللعينة قد ألحقت قدراً كبيراً من التشوه ببنيتنا التحتية وبحياتنا وإستقرارنا المجتمعى ومنظومتنا التعليمية والصحية والمعيشية ، وجعلت كل الشعب السودانى يعيش تحت خط الفقر ، وكل الذى يأمله الناس من دولة رئيس الوزراء وحكومته المرتقبة هو إنتشال هذا الوطن المكلوم مما هو فيه بحسن الإدارة التى هى مفتاح الأمل والتنمية وإعادة الإعمار ..!! وحذارِ من البضاعة المغشوشة مجهولة المنشأ ومما ( صُنِعَ فى تايوان ) عند إختيار أعضاء الحكومة ..!! تلك البضاعة التى تملأ الأسواق عند كل *حيعلة* وزارية وتُظهِر مفاتن الولاء أكثر مما تُظهر من الكفاءة التى لاتمتلك منها إلاَّ النذر اليسير .. فقد علمتنا التجارب أن الولاء لايستقيم إلاَّ بالنفاق ..!! ولاشك أن دولة رئيس الحكومة يدرك تماماً هذا الأمر كما أنه يعرف أن بلادنا تمر بمرحلة صعبة جداً لا تحتمل تلك اللزوجة الإثنية والمناطقية وأولاد الدفعة فى إدارة الشأن العام .. ونأمل الا يقع فى شِباك الولاءات النخبوية وكماشة وزردية ومفك رمز سيادتنا الوطنية حتى تتجاوز بلادنا هذه المرحلة الحرجة من تأريخها وتسترد عافيتها وأمنها ، وحتى يتحقق لكل مواطن أمله فى مستقبل أفضل لأن هذا هو رجاء وأمنية هذا الإنسان السودانى المسالم الذى يستحق من الحكومة المرتقبة الإهتمام بأمره وأن يكون عنوانها هو التعب والرهق من أجله ..!! فمن حق هذا الشعب الكريم أن يعيش كبقية شعوب العالم بقليل حُلم وكثير مَوّٕدة ويُعَوِّض زمناً أغبر بزمنٍ قابل للحياة .. ومن حَقِّه أن يعيش على مساحة وجوده كما يشاء فى وطنٍ خالٍ من التجاذبات السياسية والإثنية والقبلية ..!! ومن حقه أن يَحْلُمْ بحكومة تُخرِجُه من وَحَلٓ الفقر والمعاناة والقهر اليومى وإنعدام الخدمات والخوف من المجهول ..!! ومن حَقِّه أن تكون له حكومة تضع الأشياء فى محلها بدءًا من الإختيار للمواقع وإنتهاءً بإحترام الدستور وعدم التحايل على القانون عند تطبيقه وتنفيذه ..!! ومن حَقِّه أن يرى الحاكم يبنى الوطن ويُعيد إعماره بالحق لا بالغناء و ( حنبنيهوا البنحلم بيهو يوماتى ..!! ) .. ومن حَقَّه أن يجد من يُغَلِّبْ الضرورى على الهامشى بعد أن عادت إليه كرامته التى كانت على مفترق الضياع .. ومن *حَقَّه* أن يكون *الحَقِّ* هو المأمول والمُبتَغٕى والأعلى على ما عداه ..!! وليس ذلك على الله بعزيز ..

حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .. وكل عام وهو فى الفؤاد ترعاه العناية وكل عام والجميع بألف خير ..!!

✍🏼 *لواء شرطة (م) :*

*د . إدريس عبدالله ليمان*

*الأحد ٨ يونيو ٢٠٢٥م*

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!