*أجراس فجاج الأرض* *عاصم البلال الطيب يكتب * *شاهد على الحرب* *والى الخرطوم الإستثنائى*

*كيل شجاعة*
*والى الخرطوم، أحمد عثمان حمزة ، لم ينزو معايشا الحرب من ساعة الصفر ليزداد كيل شجاعة وحماسة ، حائط صد هو وأسرته لحماية الآمال ، نائلين أجر اولى رشقات الحرب وزخات الرصاص والرعب بمنزلهم الرسمى بحى المطار التاريخى ، محضن القيادات العسكرية والمدنية والأكاديمية العليا ، متلقين حصة فى الثبات ، قاضين أربعة أيام عصيبة قرب القيادة أخطر مناطق تبادل النيران وبالأسلحة الثقيلة ، واستعداد قيادة وقوات الدعم السريع للتمرد وشن الحرب ، ليس من أدل على إبتدائهم ، حصارهم المحكم لأهم مطار إستراتيجى ، لتحييد سلاح الطيران ، ووجود القيادات العسكرية والمدنية فى حى المطار وثكنات القيادة بأسرهم آمنين مستبعدين الإقدام على خطوة إنتحار ، ففى هذا وغيره ، الأدلة الدامغة للإجابة القاطعة لواحد من الأسئلة الحائرة فى تاريخ دولة ما بعد الإستقلال كاملة أركان السودانية و الشاهدة على احداث كبار وجسام غير ملفوفة بسلوفان النسيان والأسئلة عنها تتقافز حائرة ولا إجابات قاطعة ، أحداث عنبر جودة فى ستين القرن الماضى ومجزرة بيت الضيافة وغزوات الخرطوم ١٩٧٦م وأمدرمان فى مطالع الألفية الثالثة وسقوط الإنقاذ وفض الإعتصام حتى إشتعال اغرب الحروبات نموذجا سودانيا ينهض مضربا للأمثلة ، عاصرت توثيقاتها وغيرها وعايشت بعضها صحفيا زهاء أربعين سنة ، واستمعت لآلاف الشهادات المتباينة ولازالت جل الأسئلة تتطاير حائرة ، وحقبتنا المعاصرة ، بكل أوجهها ، تصير كما مقالاتى هذه ، تاريخ للإستعجاب ، يطالع فصوله بعد حين ، من محل تدوينى لهذه النتف والخواطر متلقٍ أو مستجلٍ لغموضه مرسل وانا حفنة تراب ليوم البعث والنشور العظيم بالصحائف التى لا مراء فى تدوينتها . وحرب الخرطوم لقيام الساعة وإن تبدلت السحنات و الأشياء والساحات ، تبقى فى الذاكرة أسئلة معلقة عدا البادى ، والبادى اظلم ، انتشار قوات الدعم بمروى إيذان صريح وإشعار دامغ علاوة على شن الهجوم من خطوط المواجهات الصفرية على مناطق وقيادة وثكنات الجيش وضرب حصار مخطوط انتظارا لنتيجة واحدة ليس لها من ثانٍ ، الإستيلاء على الحكم بانقلاب مختلف ، ولما باء إلى خذلان بارادة عليا وثبات جيش لتلطيف اوجه الكارثة ، انفرض عشواء الخطة البديلة وانفرط شعواء الحكاية وها الحابل منتهى الإختلاط بالنابل*
*الرجل الثالث*
*الوالى أحمد عثمان حمزة ، رجل الدولة الثالث الذى أسمع منه مباشرة قصته و أسرته فى أيام الحرب الأولى ، مدنيان وعسكرى ، وأول من سمعت عنه مباشرة اللواء أركان حرب محمد عثمان قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية ، راويا حصار أسرته فى غيابه بحى المطار ساعات المعمعة الأولى ، فلما خطيرا ومثيرا ، ثم لوزير الصحة الدكتور هيثم محمد إبراهيم ، قاصا حصاره وأسرته فى بيت حى المطار والموت مخيما فى الأركان والقبل الأربعة ، والرجل المدنى يثبت قدرته على التعايش والتماهى مع أجواء الحرب وهاهو الدكتور هيثم يعمل بمعنويات مرتفعة توحى بإيمانية عالية وللإحباط قاصمة ، وما شهده وأسرته ادعى لترك الوزارة ولكنه يؤثر جهاده لأجل بلده بالإستمرار ، ومثله والى الخرطوم أحمد عثمان حمزة رجل الدولة الثالث محدثى المدنى عن حصاره وأسرته أيام الحرب الأولى فى مرمى تبادل إطلاق النيران من وإلى القيادة ، والقاسم المشترك بين روايات الرجال الثلاثة ، يؤكد يقين منسوبى الدعم وجنوده المتمردين من إستلام زمام الأمر والحكم ، فلم يتعجلوا إستهداف المسؤولين المدنيين وذويهم ، وزير الصحة ووالى الخرطوم ومن قبل بعض أفراد قائد منطقة البحر الأحمر امثلة ، عالمين بهم عاملين على إجلائهم ايام الحرب الأولى ، قادرين على التعامل مع من أرادوا بعد الإنتهاء من المهمة الأصيلة ، اما لو وقع ذات هؤلاء، مجتمعين مع أسرهم أو منفردين ، فى قبضة من أعانوهم بعد التيقن من الفشل بعد ايام لأصبحوا بين الأسرى والرهائن المستهدفين عبثا و عينا وإسما ، و لكانوا فى خبر كان والمبتدأ مجهول ، وليسوا من الفاعلين فى المشهد المأزوم حتى اليوم خاصة فى دائرة والى الخرطوم المقدم درسا فى الثبات والبقاء رغم المخاطر والصعاب* .
*الإعمار بالبووت*
*الوالى الإستثنائى احمد عثمان حمزة ، نعرفه مجدا فى أداء مهمته مهنيا فى مرحلة معقدة ، لم تهز الأيام العصيبة عضدته محاصرا هو وأسرته منقطعا عن كل سبل التواصل و المساعدة ، يحدثنى بأن تعرضه وأسرته لمخاطر تبادل آطلاق النيران الكثيف وسقوط مقذوفات الموت بلا توقف ، زوده بحالة من اليقين ومعزز إيمانه ، بألا مكروه يصيبن إلا بحول الله وقدرته ، ولما سمحوا له وأسرته بالمغادرة رغم إعلامهم بأنه الوالى بعد سؤال من قبل أفراد لم يروهم من قبل ضمن قوات الدعم ، لم يغادر حتى تأكد من خروج أسرة غير بعيد عن مقر إقامته عليم مسبقا بوجودها ، ومن شهادات الوالى حمزة المهمة ، أن أفراد قوات الدعم حول القيادة بعد إندلاع الحرب ليسوا من المرابطين من قبل ، فلذا القوة المستبدلة لما اقتحمت بيت الوالى سألته إن كان هو فأجاب بالتأكيد ، فأمروه بالخروج بأسرته باعتباره مدنيا وليس هدفا ، ولكن بعد الفشل الكل بات هدفا تحت مسميات متعددة ، افلح الوالى والأسرتان بشق الانفس وخوض غمار أخطر مغامرة فى المغادرة مستترين بحركة على شاكلة سبعة ثمانية لتجنب الخطر المحدق والمنتشر فى الطرقات ، فشل مخطط الإستيلاء على زمام الأمور بعدها فشلا يجعل الوالى ووزير الصحة و اسرة قائد المنطقة أهدافا ولكن لطف الله وتقديره لهؤلاء الرجال ، ليكونوا من بين قيادات مرحلة ولا أغرب . ويروى والى الخرطوم بأنه بعد مغادرة حى المطار ، إتخذ من حى الهاشماب بأمدرمان مقرا وباشر مهامه والإشتباكات دائرة بعقد إجتماعات بمحلية أمدرمان قبل تنامى الإجتياح وارتفاع وتيرة الإقتتال وتحوله لهدف صريح، لم يستسلم الوالى الإستثنائي متنقلا من منطقة لأخرى آمنة حتى المستقر المحفوف بمحلية كررى الكبرى للإبقاء على المنصب قائما لرمزيته وإن لم يعد جاذبا ومغريا للتشبث ، يدرك الوالى أهمية إدارة الأمور بانحاء العاصمة الخالية من انتشار متمردى الدعم ، فهو الآن يدير الجزء وعينه على الكل العائد وشيكا بحول الله لأحضان الأمن والطمآنينة ، ويحفظ التاريخ بين الثوابت والحقائق بقاء الوالى قريبا من مرمى النيران غير متخلٍ عن مسؤوليته الأخلاقية متخذا من أيام الحصار حصنا ضد الخوف وزوادة لمواصلة المشوار الصعب حتى الإنقشاع للغمة الأعظم ، متخذا من الركشة والتكتك وسائل للتنقل والتحرك غير هياب لسواقط المقصوف والمقذوف . قبل مصاب الحرب أقام الوالى محفلا لتطوير الخرطوم بنظام البوت الإقتصادى الذى يناسب حال بلدنا خاصة بعد توقف الحرب ، ولكن اقدار الله تحيل جل الخرطوم لكومة خراب ، ولا ييأس ذات الوالى من إطلاق دعوات للإعمار قبل التحرير تفاؤلا وإيمانا وتأكيدا على أن التحرير مسألة وقت ويتطلب الإعمار وضع خطط بعيدة المدى مختلفة الرؤى ، ليس لإعادة العاصمة لسيرة سالفة ، بل لنقلها لرحاب و مصاف المدن العالمية ، والتفكير فى الإعمار أحد اهم أسلحة إيقاف الحرب ، وثقوا أن المصاب الجلل مقروءا مع تشهيدات المقعد القارى والإقليمى والدولى فى صالح السودان كافلا باتفاق بعد تداعيات الحرب للإستقرار فى افريقيا قلب الدنيا النابض وقارة الموارد البشرية والطبيعية*.