أعمدة الرأي

مسارب الضي  د. محمد تبيدي  يكتب هل خالف بروفيسور كامل إدريس اتفاق سلام جوبا؟ 

 

إخراج وزراء مظلة سلام جوبا

إعفاء أم انتهاك؟

 

– سياق الاتفاق وشروطه

وقّعت الحكومة السودانية وحركات مسلحة عدّة «اتفاق جوبا للسلام» في 3 أكتوبر 2020، بهدف إنهاء عقود من الصراع في دارفور وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق. ينص بروتوكول «تقاسم السلطة» في الاتفاق على تمثيل هذه الحركات بأربعة مقاعد وزارية ضمن الحكومة الانتقالية، ولا يجوز تعديل هذا التمثيل أو المساس به إلا بتراضي جميع الأطراف الموقعة . وفي مؤتمَر تقييم الاتفاق الذي عُقد مؤخراً بحضور الآلية الثلاثية (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وإيقاد)، شدّد احد أعضاء مجلس السيادة الانتقالي على «عدم جواز تعديل اتفاق جوبا إلا عبر اتفاق موقّع من جميع الأطراف»، محذراً من خطورة أي محاولة «للتشويش أو الإلغاء»

 

– هل خالف رئيس الوزراء بروفيسور كامل إدريس الاتفاق؟

يُثار في هذه اليوم نقاش حول قرار للبروفيسور كامل إدريس، رئيس الوزراء، يقضي بإعفاء الحكومة مافيهم وزراء الحركات المسلحة أو استثنائهم من بعض الاختصاصات أو مسؤوليات الحكومة.

 

أي تغيير في تشكيلة الوزراء يندرج تحت بروتوكول «تقاسم السلطة»، ويتطلب ترشيح البديل من الجهة الممثِّلة للحركة المسلحة نفسها، وليس قراراً أحاديأ لرئيس الوزراء وحده، لا يمكن إثبات وجود مخالفة من قبل رئيس الوزراء لاتفاق جوبا، بل إن أي تعديل وزاري يخص هذه الحقائب يتطلب تنسيقاً مسبقاً مع الحركات المسلحة وفق نص الاتفاق.

 

– أسباب الالتباس والمنطق المتعرج

يرى بعض الناشطين أن تمسّك قادة الحركات المسلحة بمقاعدهم الوزارية يعكس «جزءاً من اتفاقٍ منحهم مناصب» ، ما يدفعهم لاتهام أي تحرك حكومي باستهدافهم، رغم كونه تنسيقاً بروتوكولياً.

 

٤. كيف نخرج من هذا المنطق المتعرج؟

1. الرجوع إلى النصوص المكتوبة: يجب تفعيل «اللجنة المصغرة» المنصوص عليها في بروتوكول تقاسم السلطة لمراجعة أي قرار وزاري يخص الحركات المسلحة، وتوثيق كل تغيير كتابياً بموافقة الأطراف المختصة.

2. إشهار المراسيم والتوجيهات: على رئاسة الوزراء ومجلس السيادة إصدار بيانات رسمية موحّدة لكل تعديل، مع تضمين مبرراتها النصية وموافقات الأطراف الموقعة.

3. إنشاء آلية رقابية مستقلة: تضم ممثلين عن الحركات المسلحة، ومنظمات المجتمع المدني، والآلية الثلاثية، لمراجعة تنفيذ اتفاق جوبا بشكل دوري، وضمان عدم المساس بحقوق الأطراف الأصلية.

4. نشر تقارير دورية: على الآلية الثلاثية وإعلام الحكومة إصدار تقارير فصلية حول تنفيذ بنود الاتفاق، بما فيها مسائل التمثيل الوزاري والأمن والعدل، لطمأنة الرأي العام ومواجهة الشائعات.

 

باختصار، بروفيسور كامل إدريس اصدر قرار مسوّغ بإعفاء أو إحلال وزراء الحركات المسلحة دون التنسيق معهم وهذا مالا اظنه نهائية، وأي اتهام بخرق الاتفاق يعد زوبعة في فنجان تخلقها غموض الصلاحيات وقلة الشفافية ونفوس المتائمرين . وللخروج من هذا المنطق المتعرج، لا بد من العودة للنصوص الأصلية، وتفعيل الآليات الرقابية، والإفصاح عن كل قرار كتابةً وبموافقة جميع الأطراف وتمليك المواطن المعلومات الكافية حتى لا يقع ضحية سودائي النفوس.

 

وانا سأكتب للوطن حتى أنفاسي الأخيرة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!